القانون الدولي الخاص
Loading...
Date
2017-09-01
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
المنافسة عصب الأعمال، ولها قانون ينظمها وهو مهم في ظل الاقتصاد الحر لحماية حرية المنافسة. لذلك قبل دراسة هذا القانون، بعض النقاط تبدو أساسية لفهم أسس ومبادئ قانون المنافسة.
1- شيء من الحريات الاقتصادية
من نصوص الدستور التي تعتني بالحريات الاقتصادية:
المادة 61 من المرسوم الرئاسي رقم 20-442، المؤرخ في 30 ديسمبر 2020 :
حرية التجارة والاستثمار والمقاولة مضمونة، وتمارَس في إطار القانون.
La liberté du commerce, de l'investissement et d'entreprendre est garantie. Elle s'exerce dans le cadre de la loi.
المادة 37 من المرسوم الرئاسي رقم 96-438، المؤرخ في 07 ديسمبر 1996 :
حرية التجارة والصناعة مضمونة، وتمارَس في إطار القانون.
المادة 43 من القانون رقم 16-01، المؤرخ في06 مارس 2016 :
حرية الاستثمار والتجارة معترَف بها، وتمارَس في إطار القانون.
تعمل الدولة على تحسين مناخ الأعمال، وتشجع على ازدهار المؤسسات دون تمييز خدمة للتنمية الاقتصادية الوطنية.
تكفل الدولة ضبط السوق ويحمي القانون حقوق المستهلكين.
يمنع القانون الاحتكار والمنافسة غير النزيهة.
تساؤلات وملاحظات:
هل هي حرية التجارة والاستثمار والمقاولة؟ أم حرية التجارة والصناعة؟ أم حرية الاستثمار والتجارة؟ هل استعمال هذه الكلمات بريء وليس له تأثير على المضمون والطبيعة؟
هل تقتصر الحرية على التجارة، الصناعة؟ أم أنها تمتد لسائر الأنشطة الاقتصادية، حتى تلك غير الواردة في المتن: كالمهن الحرة؟
مادمنا أمام أحكام دستورية تنظم حرية عامة، فإلى أيِّ حد يصل التزام الدولة بضمان هذه الحرية؟ هل نحن أمام حرية مقيَّدة أم هي مطلقة؟
بعد تحرير السوق، هل هناك مجال لتدخل الدولة في الاقتصاد وكيف يكون هذا التدخل؟
أين هي حرية المنافسة في هذا التنظيم للحرية الاقتصادية؟
الملاحظ، من هذه المواد، أن التعبير عن مبدأ حرية التجارة والصناعة لم يكن باستعمال كلمات محددة وبطريقة موحدة. أحيانا، النص على المبدأ لوحده (المادتان 61 و37)، تخصيص فقرة للمبدأ وفقرات أخرى لمناخ الأعمال وضبط السوق وحماية المستهلك ومنع الاحتكار (المادة 43)، وأحيانا يتم الربط بين الصناعة والتجارة (المادة 37) أو وضع علاقة بين الاستثمار والتجارة (المادة 43)، أو الجمع بين التجارة، الاستثمار والمقاولة (المادة61).
وربما نجد في السياق والوضع الجزائري تفسيرا لكيفية ظهور مبدأ حرية الصناعة والتجارة. فقبل التعديل الدستوري لسنة 1996، كانت الدولة الجزائرية،كنتيجة للخيار الاقتصادي المتبع آنذاك، تتدخل في كل قطاعات النشاط الاقتصادي. ومع دستور سنة 1989، يرى الفقه الجزائري أنه كرّس ضمنيا مبدأ حرية الصناعة والتجارة بنصه على "حرية اقتصادية قاعدية وهي حرية التملك"، وأنه في هذه الفترة، صدرت قوانين تعكس التوجه نحو اقتصاد السوق، منها: القانون رقم 89-12 الصادر في 05 جويلية 1989 المتعلق بالأسعار ، أمر 95-06 الصادر في 25 يناير 1995 المتعلق بالمنافسة ، المرسوم التشريعي رقم 93-12 المؤرخ في 05 أكتوبر 1993 المتعلق بترقية الاستثمار . وفي التعديل الدستوري لسنة 1996، كان الاعتراف صراحة بحرية الصناعة والتجارة وجعلها في رتبة المبادئ الدستورية. وتم ذلك للتعويل على القطاع الخاص وإشراكه في التنمية الاقتصادية، بفتح المجال للمبادرة الخاصة وإعطائها حرية إنشاء أية مؤسسة في مختلف الأنشطة وتشجيع الاستثمار سواء الوطني أو الأجنبي، وصولا إلى حماية المنافسة، منع الاحتكار وضبط السوق ورعاية حقوق المستهلكين. والدستور الحالي اعترف هو الآخر، بحرية التجارة والاستثمار والمقاولة .
أما فيما يخص الكلمات التي يتشكَّل منها المبدأ: "الصناعة" و"التجارة"، فلا يُفهَم منها أن الحرية تقتصر على الصناعة والتجارة ، إنما يتسع نطاق الحرية لكافة الأنشطة الاقتصادية تقريبا: كالمهن الحرة والحرف... . ثم إن التعبير عن المبدأ بالتجارة والاستثمار والمقاولة، فذلك ليس إلا نتاج وضْع لازم الدستور الجديد.
يهتم القانون الجزائري بتنظيم المنافسة وإزالة معوقاتها، كنتيجة طبيعية لانتهاج اقتصاد السوق الذي يقدِّس الحرية الاقتصادية. لهذا تم إيجاد قانون المنافسة، لحثِّ المؤسسات عليها، ولو أنها تؤدي، طبيعيا، إلى إقصاء بعضها وتفوّق البعض الآخر، طالما أن ذلك تم بوسائل قانونية ودون الإخلال بعادات وآداب المهنة. وبالتالي، يهدف قانون المنافسة لحماية حرية المنافسة الملازمة لمبدأ حرية التجارة والصناعة، للحد من هذه الحرية والتدخل، لمحدودية نظرية الطابع التلقائي لتوازن السوق والتي تقول بوجود يد خفية تعمل على تحقيقه دون تدخل عوامل خارجية